الإدمان مرض نفسي أم عضوي، كثيرًا ما يدور في أذهاننا هذا السؤال ونظل في حالة بحث دائم عن الإجابة، وحتى نتعرف عليها سويا، ينبغي علينا معرفة مفهوم الإدمان، مفهوم الإدمان ينحصر في التعود وليس التعود هنا بالضرورة يقصد بها إدمان المخدرات فقط، بل كل سلوك اعتدنا عليها بدرجة تجعل من الصعب علينا التوقف عنه هو إدمان، وهو ما يعرف بالإدمان السلوكي أي إدمان سلوك أو عادة معينة لفترة طويلة حتى فقدت السيطرة عليها وأصبحت هي المسيطرة عليك.
اختلفت آراء الأطباء حول الإدمان فمنهم من يرى أن الإدمان مرض عضوي ويحدث نتيجة خلل في الدوائر العصبية الدماغية لذلك يعتبروه من الأمراض الدماغية العضوية، والبعض الآخر يعتبره اضطراب ليس إلا، نظرًا لملائمة مفهوم الاضطراب للإدمان، فقد يكون اضطراب سلوكي أو اضطراب عقلي أو نفسي، وقد تحدث تغيرات في شخصية الإنسان بسبب الإدمان، ونتيجة الشعور بالمعاناة تنتج عند الشخص رغبة في التوقف عن هذا الإدمان.
أنواع الإدمان
تختلف أنواع الإدمان، فيمكن أن يكون إدمان مادة تمثل المخدرات أو الكحوليات أو إدمان عادة مثل إدمان الإنترنت أو التسوق أو الأجهزة الإلكترونية وغيرها الكثير من العادات السيئة التي نمارسها دون القدرة عن الاستغناء عنها، فالشخص المدمن يقوم بهذا السلوك أو بتعاطي هذه المادة من أجل الشعور بالراحة النفسية.
قد يتخذ الإدمان أشكالًا متعددة فنجد إدمانًا وسط مجموعة كإدمان المواد المخدرة وهو ما يعرف بالإدمان الاجتماعي مثل إدمان المخدرات أو إدمان التدخين، ويمكن أن يكون إدمان نفسي حيث تنشأ لدى الشخص رغبة وبحاجة إلى إشباعها بشكل فوري مثل إدمان مواد معينة أو نشاط معين.
الإدمان بين الحالة النفسية والعضوية
يفسر البعض الإدمان على أنه حالة نفسية في بعض الأوقات وحالة عضوة في أوقات أخرى، ولكن إذا تم اعتباره على أنه مرض عضوي، فإن الأمراض الدماغية تحدث نتيجة عدم سيطرة الشخص على السلوك وهذا مناقضا لما يحدث على أرض الواقع، فالمدمن يستطيع التحكم في سلوكه حتى لو كان بالقدر الضعيف، وهذه الإرادة تجعل الشخص قادرًا على اتخاذ القرارات، كما أن هذا التفسير لا يؤكد أن إدمان الأشخاص للمخدرات قد ينتج من عوامل نفسية تحثه على الإدمان مثل البيئة التي تحيط به.
لذلك عندما تم تجربة علاج أشخاص قامت بتجربة تعاطي الأفيون والهيروين في منطقة معينة، وبعد هذا العلاج عادة إلى منازلهم، فقد تحول بالفعل في التوقف عن الإدمان بمجرد ابتعادهم عن البيئة التي جعلتهم مدمنين، وكانت البيئة الجديدة بمثابة حافز ودافع لهم من أجل التوقف عن الإدمان، وهذا دليل قوي على أن للمدمن إرادة حتى لو كانت ضعيفة.
الإدمان مرض أم اضطراب سلوكي:
- انقسم رأي الأطباء إلى اثنين فمنهم من يرى أن الإدمان مرض عضوي يحدث بسبب خلل في النواقل العصبية للمخ وهذه النواقل مسئولة عن المكافأة والهدوء.
- والرأي الآخر يرى أن اضطراب يحدث نتيجة فقدان السيطرة على العادات أو السلوك، ولكن هذا الرأي يناقض فكرة أن المدمن لديه إرادة حتى لو كانت ضعيفة.
هل الإدمان مرض نفسي أم عضوي؟:
- أكدت بعض الدراسات أن الإدمان عبارة عن مرض نفسي يحدث للإنسان بسبب ظروف معينة مثل التوتر والقلق والاكتئاب، وهذا بسبب التغيير الذي يحدث في كيمياء الدماغ، فالإنسان إذا أصيب بالإدمان، الخلايا المسئولة عن اعتماد الشخص على نفسه تبدأ بالتحكم به، وبالتالي يصبح المخ بحاجة إلى العديد من التأثيرات الخارجية لكي يفرز هرمونات تخلصه من المشاكل الواقع بها، وقد تؤدي أيضًا إلى حدوث الإدمان، وبهذا توصلت هذه الدراسة أن الإدمان هو مرض نفسي قبل أن يكون شيء آخر، ولكن ظهرت دراسات أخرى اختلفت معها في الرأي.
- الدراسات الأخرى وجدت أن الإدمان مرض عضوي، في التغييرات التي تحدث في كيمياء الدماغ تجعل الإنسان مستجيبا للعوامل الخارجية مثل المخدرات، فإن الهرمونات التي يتم إفرازها تزيد من الخلل في الناقلات العصبية التي تمتد من المخ للجهاز العصبي وباقي أجزاء الجسم، فيؤدي إلى أمراض عضوية المتصلة بالإدمان.
- طبقا لما نشرته دراسة أمريكية بأن الإدمان هو مرض نفسي وعضوي في الوقت ذاته، وأن إدمان المخدرات يقوم بإحداث خلل في الناقلات العصبية التي تمتد من المخ إلى الجهاز العصبي وباقي أجزاء الجسم، وهذا الخلل ناتج منشأه الأساسي هي كيمياء المخ، لذلك علاج الإدمان يتطلب علاج الاضطراب السلوكي والنفسي المرتبطة بالخلل العضوي.
وحتى يكون العلاج كاملًا للمريض فيعالج الأطباء المرضى من الجانبين، أي من الجانب العضوي بإعطائه الأدوية الصحيحة والمناسبة لحالته مع الجانب النفسي والمعنوي أو الاكتفاء بالعلاج النفسي إذا كانت حالة المريض لا تتطلب العلاج العضوي.